:
ها أنا أعود إليك يا وطني .. وبين يدي كتاب ُ وصاياك المغلفة بأنكساري
وفي حقيبتي مجموع كل خيباتي ..
ها أنا أعود يا وطني ..
لن تعرفني الطرقات ولا الدروب ولا حتى عصافيرك
فبعدك تم تشويهي .. طالني ظلم ٌ أقترفته على نفسي ف أرداني / حزينه
ها أنا أعود
ستحترق تربتك بحرارة دمعي المتساقط وأنا أخطوا خطواتي الأولى على أرضك
سيجري خلفي أطفالك وهم يرمون قلبي بالحجارة .. وسيضحكون بصوت ٍ عال
( أرحل من عالمنا أيها القلب الممسوخ )
أرجوك يا وطني .. تكفل بي قليلا إلى أن أتوارى عن أعينهم ف أدفن أحزاني بين
جدارن ألمي
لعلي أسكن ُ وأهدأ فتكون زنزانة جراحي ْ
/
ما اتعسك بي يا وطني وما أتعسني بك
فقد خانتني ألواني بعدك وتآمر علي صمتي وطريقتي ومذاهبي ولغتي وصبري
ووفائي وحزني المكابر
لن يعرفني ظلي يا وطن
وقد خانتني حتى أطرافي ف عاث بي زمان ٌ غابر / سكت فيه صوتي قبل ضميري
تعال يا وطني وباركني .. على موتي
فها نحن هنا نُهدي أجساد فتياتنا قرابين للسمعه والشرف ..
لأنهم يا وطني أشرف من ان تدنسهم عواطفنا وذاكرتنا وذكرياتنا
لن أنفض نفسي من أي شي يا وطني .. فليقبلوني هكذا .. كما أنا
بأزدحامي
بجراحي
بأنكساراتي ومجموع خيباتي
لن اتحايل على ذاكرتي وتفاصيلي يا وطن
إلى ان يُقفل القوس وتوضع النقطه
) .
يا وطني .. ليتني أعود إلى زمن الطباشير .. والسبورة السوداء.. فأتخذ منها ذاكرتي وايامي الماضيه
ف أكتب وأمحو كما أشاء
حتى وإن لطخت أرضيتي ببقايا جراحي
..
أتدري يا وطن
كانت تقول لي جدتي .. أن من يعيش طفولة شقيه .. يعيش بعدها حياة جميلة هادئه جدا ً
كنت ُ في طفولتي .. أتسلق ُ جدارن حارتي .. وألعب ب كورة أخي في الشارع
وأركب دراجته
كنت أستيقض صباحا ً لنذهب إلى مدرسة القرآن
ف أبدأ بطرق أبواب صديقاتي وأنتظرهن وأنا العب ب الحصى إلى أن نتجمع ونذهب وانا أقفز وألعب
وقد تطالني أحيانا عصى الشيخ .. لشقاوتي وأهمالي في حفظ واجبي من السور القرآنيه
كان الشيخ دائما يشتكيني عند والدي ..
كان يقول له ( بأنها أشقى من أخوتها الصبيان .. )
ثم أتلقى عقابي أيضا من والدي
:
إلى أن ختمت القرآن في ذالك اليوم الصيفي الحارق .. وأنا أسابق نفسي
كان علي أن أختم القرآن مع الشيخ حتى لا أعود أذهب إلى مدرسته ولا أتحمل عصاه بعدها
ف ختمته بروح مثابرة تحت ظل تلك( الغافه) العملاقه التي كانت تضمنا جميعا
صبيانا وفتيات
وأخيرا ً ختمته
ف قرأ علينا الشيخ ( دعاء الختمه ) ونحن نصرخ بطفوله صاخبه (آآآ آآمين )
ووزع شيخنا رحمه الله .. حلوى ( التومينه ) على كل الأطفال الموجودين هناك وانا
في قمه فرحتي يومها
وبعدها بيوم جاء الشيخ إلى ابي لأخذ الحلوى .. فقد ختمت أبنته القرآن قبل أخوتها الصبيان
ف زف بعدها والدي لي الخبر السعيد المنتظر ..
( لا داعي أن تذهبي إلى ( المعلم ) بكره .. تستطيعين الآن قرأت القران بمفردك ف البيت )
وأفتقدت ُ بعدها .. أجواء مدرسة القرآن كما أفتقدت بعدها وجوه بعض الصديقات ووجه ( مهنا )
الذي كنا نلاحقه دائما بأمر من الشيخ لنمسك به لانه كان يتهرب من حضور الدروس
ولان والده كان يأتي به إلى المدرسة رغما عنه .. ف يسلمه للمعلم ف يهرب بعدها مهنا
ونجري وراءه نحن فــ نمسك به ونأتي به الى الشيخ ..
وينهال عليه الشيخ ضربا ونحن نتفرج عليه وكان بعض الصبيه يضحكون
كان الضرب العقاب الوحيد لدى شيخنا حميد رحمه الله
كبرنا وكبر مهنا / وكل ما أعرفه عنه الآن أنه اصبح الآن شيخ ٌ جليل /
له وظيفة محترمه وعائله وأولاد
واصبح إمام مسجد .. والجميل في الأمر أنه أخذ يدرس الأطفال ويعلمهم القرآن في الصيف
لم ينسى ( مهنا ) إذن ذكرياته أيضا ..
كنت وفيا ً معه جدا ً يا وطن
:
ولم تخلف شقاوتي بعدها لي سوى حزني ..
ها نحن نصل ُ إلى نهاية المنعطفات يا وطني الصغير ..
وليس هنالك متسع ٌ من الفرح
نسينا أن تفاصيلنا سقطت سهوا ً عندما دقت الساعه الثالثه فجرا ً .. فحان بعدها رحيل الأمنيات
تلك الأمنيات العذبه التي كانت تطرق أبوابي وهي ترتجف .. بسبب شتاءك القارص
أيها الوطن
كنتُ أدُفئ كل أمنياتي .. بكل ما أوتيت من وفاء
كانت شموعي تشتعل فقد لتدفئتها
ها قد رحلت كل الشموع برحيل الأماني ..وأخذت كل تفاصيلها المزدحمه بي وبه
كم من الحقائب يلزمني لرحيلي عن عالمه يا وطن ..
ربما ثلث حقيبه وملايين من الخلايا في ذاكرتي
ولكن قد تلزمه مجموعه حقائب لرحيله عن عالمي / ولا ذاكره
أرجوك يا وطني
أفتح ذراعيك قليلا ً وأستقبلني ..
موجعة ٌ هي الأحزان وموجع ٌ هو هذا الرحيل وموجعه ٌ هذه العوده
دثرني قليلا ً من هكذا صقيع قادم بكل عنفوانه
أرحمني من مدن الثلج القادمه
ومن مجموع خيبات .. باتت قلادة ذات ( حجرا ً اخضر ) أعلقها على عنقي
)
.
ها أنا أعود يا وطني
وأنا أحصي السنوات والشهور والساعات والدقائق والثواني
فقط أ ستقبلني..
:
29/9/2010
0 التعليقات:
إرسال تعليق